الأربعاء، 17 مايو 2023 - 08:50 م

قبل فترة، شهد قطاع السياحة في مصر إقبالا كبيرا خلال عيد الفطر وعيد شم النسيم، حيث تتنقل الحافلات السياحية بين المواقع السياحية الرئيسية، وتكتظ المعالم الأثرية بالسياح وحولهم صرخات المرشدين السياحيين، الأمر الذي يظهر بجلاء حيوية سوق السياحة المصرية. في الوقت نفسه، شهدت الصين الأسبوع الذهبي لعيد العمال، خلال هذه الفترة، قامت الهيئات الحدودية في كل أنحاء البلاد بتفتيش 6 ملايين و265 ألف شخص دخلوا أو خرجوا الصين، أي مليون و253 ألف شخص يوميا، بزيادة نحو 2.2 مرة مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي، كما زاد عدد طلبات السفر لخارج البلاد بنحو 7 مرات على أساس سنوي. يسعدني أن أعلم أن عددا كبيرا من السياح الصينيين

سافروا إلى مصر مؤخرا، وهم موجودون في كل معالم سياحية، أمام هرم خوفو وبجانب أبو الهول وداخل معبد الأقصر وعلى متن السفن السياحية في البحر الأحمر. أعتقد أن الأصدقاء المصريين يمكن أن يشعرون بشكل مباشر بمساهمة السياح الصينيين في سوق السياحة المصرية.

منذ بداية هذا العام، استأنفت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين بشكل كامل، وتخففت الضغطات الثلاثة المتمثلة في انكماش الطلب وصدمات العرض وضعف التوقعات، فكان النمو الاقتصادي أفضل من التوقعات ويتعافى طلب السوق بشكل تدريجي، وينتعش الاقتصاد ويتجه نحو الأفضل، حتى يحقق بداية جيدة للانتعاش.

النمو الاقتصادي يستقر وينتعش.

وفقا للإحصاءات الأولية، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الأول 28 تريليون و499.7 مليار يوان، بزيادة 4.5% على أساس سنوي و2.2% على أساس فصلي بالأسعار الثابتة. أصدر صندوق النقد الدولي مؤخرا أحدث "تقرير آفاق الاقتصاد العالمي"، وخفض فيه توقعات نمو اقتصاد العالم، مؤكدا على وجود عناصر عدم اليقين الكبيرة التي تواجه النمو، غير أنه يتوقع أن معدل النمو الاقتصادي للصين سيبلغ 5.2% في عام 2023. يرى المراقبون الدوليون أنه رغم تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، سيظهر الاقتصاد الصيني زخما إيجابيا، ومن المتوقع أن الصين ستساهم بأكثر من ثلث النمو للاقتصاد العالمي في هذا العام، بما يوفر فرصا مهمة للعالم.

الطلب المحلي يستأنف ويتعافى.

تنفذ الصين بقوة استراتيجية توسيع الطلب المحلي، وتعطي الأولوية للتعافي والتوسع للاستهلاك، وتعمل على توظيف الدور الحيوي للاستثمار في تحسين هيكل العرض، مما يظهر مزايا السوق الكبيرة ودورها في دفع النمو الاقتصادي. في هذا السياق، بلغ المعدل النهائي لمساهمة الاستهلاك في النمو الاقتصادي 66.6% في الربع الأول، بزيادة 33.8 نقطة مئوية عما كان عليه في العام الماضي. كما انتعشت مبيعات السوق بشكل ملحوظ، وتوسع الاستهلاك العالي المستوى باستمرار، وتحوّل إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية الاجتماعية من الانخفاض بنسبة 2.7% في الربع الأخير من العام

الماضي إلى الزيادة بنسبة 5.8%، وزادت إيرادات المطاعم بنسبة 13.9% على أساس سنوي؛ وشكل الإنفاق الاستهلاكي على الخدمات 41.7% من الإنفاق الاستهلاكي للسكان.

تستقر الأسعار والتوظف بشكل عام. بلغ متوسط معدل البطالة في المدن الصينية 5.5%، وكان المعدل 5.3% في مارس، بانخفاض 0.3 نقطة مئوية عن الشهر السابق. وتزداد القوى العاملة الريفية التي تخرج للعمل باستمرار، وتحسنت حالة التوظيف للعمال المهاجرين. وبلغ عدد القوى العاملة الريفية التي تخرج للعمل 181 مليون و950 ألف شخص، بزيادة 2.3% على أساس سنوي. بلغ متوسط معدل البطالة للعمال المهاجرين في المدن 5.6%، وكان المعدل 5.3% في مارس، بانخفاض 0.6 نقطة مئوية على أساس سنوي.

يتوسع الانفتاح العالي المستوى باستمرار. في مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن تقلص الطلب الخارجي و"فك الارتباط وكسر السلاسل" المفروض من قبل بعض الدول واشتداد المنافسة الدولية، دفعت الصين بخطوات متزنة الانفتاح العالي المستوى، وتعمل على استقرار التجارة الخارجية ورفع جودتها، ومساعدة الشركات على استقرار الطلبات وتوسيع الأسواق، وجذب الاستثمار الأجنبي بجهود أكبر، وتوطيد وتوسيع إنجازات التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي، فاستمر النمو للتجارة الدولية والاستثمار الأجنبي.

في الربع الأول، زاد إجمالي الواردات والصادرات من السلع بنسبة 4.8% على أساس سنوي؛ من بينها، زادت الصادرات بنسبة 8.4%، وزادت الواردات والصادرات الصينية مع الدول المطلة على طول "الحزام والطريق" بنسبة 16.8% على أساس سنوي. وزادت نسبة التجارة العامة، كما زادت بسرعة الصادرات للمنتجات المتفوقة، حيث تشكل الواردات والصادرات للتجارة العامة 65.3% من إجمالي الواردات والصادرات، وزادت الصادرات الإجمالية للسيارات الكهربائية المأهولة وبطاريات الليثيوم والخلايا الشمسية بنسبة 66.9%.

إن البيئة الدولية الحالية معقدة وخطيرة، حيث تباطأ النمو الاقتصادي العالمي، وازداد الاضطراب للأسواق المالية الدولية، غير أن الاقتصاد الصيني يتجه نحو التعافي والتطور، حيث ترتفع جودة التنمية بخطوات ثابتة، ويستقر الوضع الاجتماعي العام، مما يظهر المرونة الاقتصادية القوية والجاذبية العالمية، ويرسي أساسا متينا لإنجاز الأهداف والمهام الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذا العام. في المرحلة المقبلة، ستواصل الصين التنفيذ الكامل والدقيق والشامل لمفهوم التنمية الجديد، وتسريع إنشاء معادلة التنمية الجديدة، وتعزيز ثقة السوق بقوة، والدفع بتحقيق التحسين الفعال لجودة الاقتصاد والنمو المعقول لكمية الاقتصاد، وتسريع بناء نظام الصناعة الحديث المدعوم بالاقتصاد الحقيقي، وتسريع الاختراق في مجالات الضعف، وتكبير وتقوية مجالات القوة، وترسيخ أسس الاعتماد على الذات في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتربية وتقوية القوة الحركية الجديدة، ودفع العمليات الذكية والخضراء والمتكاملة للصناعات. في الوقت نفسه، سنواصل تعميق الإصلاح على نحو شامل، وتوسيع الانفتاح العالي المستوى، والتعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وزيادة تسهيل الوصول إلى الأسواق، ودعم المناطق التجريبية والموانئ للتجارة الحرة المؤهلة للتطبيق القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية العالية المستوى، وإجراء التجارب للإصلاح والانفتاح.

ظلت الصين، بصفتها أكبر دولة نامية في العالم، تضع العالم في اعتبارها، وتعمل على ضخ المزيد من الطاقة الإيجابية لتحقيق السلم العالمي وجلب المزيد من الفرص الجديدة للتنمية العالمية، من خلال تحقيق التنمية لنفسها. في السنوات الأخيرة، واءمت مبادرة "الحزام والطريق" مع "رؤية مصر 2030" بشكل عميق، وشاركت الشركات الصينية بنشاط في بناء "الجمهورية الجديدة" في مصر. في الوقت الحالي، تم إنجاز الهيكل الرئيسي لمشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، وافتتح مشروع القطار الخفيف بـ"مدينة العاشر من رمضان" رسميا في سبتمبر عام 2022، وتقدم بسلاسة مشروع الأبراج بمدينة العلمين الجديدة ومشروع ميناء أبو قير للحاويات، الأمر الذي يدفع بقوة التنمية الاقتصادية في الإسكندرية.

مع الانتعاش القوي للاقتصاد الصيني، سيأتي المزيد من الشركات الصينية، وستستشرف التعاون العملي بين الصين ومصر آفاق أكثر إشراقا. في هذا السياق، شاركت شركة YC Solar الصينية في معرض القاهرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وافتتح خط الإنتاج لشركة جيوشي مصر للألياف الزجاجية بالقوة الإنتاجية السنوية 120 ألف طن، الذي يمكن أن يدر 100 مليون  دولار إضافي لمصر كل عام. أثق بأن الاقتصاد الصيني المليء بالمرونة والإمكانية سيوفر بالتأكيد فرص جديدة للتنمية الاقتصادية في مصر، ويأتي بفوائد كبيرة على تعافي الاقتصاد العالمي